الثلاثاء ١٥ ديسمبر ٢٠٢٠

مدير الدقيقة الواحدة


انتهينا في مقالنا السابق عند وصول الشاب الباحث عن المدير الناجح إلى قصص سمعها عن أحد المدراء المحبوب من موظفيه والمحقق لنتائج مبهرة. وأن الشاب تساءل هل ما سمعه حقيقةً؟ وهل سيبوح له المدير بأسرار نجاحه في حال صدق القصص؟

عندما عرف الشاب بالمدير حاول التواصل مع مديرة مكتبه لتحديد موعد للمقابلة. وإذا به يتفاجئ أولى مفاجآت المدير وهو تحويل مدير المكتب المخابرة الهاتفيه له مباشرةً؛ لتحديد الوقت، وليس مديرة المكتب! وسأل الشاب المدير عن الوقت المناسب لمقابلته؟! فكان الجواب بالمفاجآة الثانية وهو إتاحه الوقت جميعه للشاب عدا صباح يوم الأربعاء. (والشاب لم يعتاد على ذلك؛ حيث المدير دوماً مشغول وبحاجة للانتظار ليتم تحديد موعد له وليس بهذه السهولة). أثار ما حدث حتى الآن انبهار الشاب؛ حيث بدا نوعاً غريباً للشاب.

وبالفعل ذهب لمقابلته ورحب بالشاب المدير وسأله: هل من مساعدةٍ أُقدمها لك؟

أجابه الشاب: أحب أن أسألك بعض الأسئلة عن كيفية إدارتك للموظفين.
هل تعقد اجتماعات دورية ومنتظمة مع موظفيك؟

أجابه المدير قائلاً: نعم، أفعل ذلك مرةً في الأسبوع وهي صباح الأربعاء من التاسعة الى الحادية عشر. ولذلك لم أستطع مقابلتك بذلك الوقت.

سأل الشاب : وماذا تفعل في هذه الاجتماعات؟

أجاب المدير : أصغي بينما يحكي الموظفون ما أنجزوه خلال الأسبوع، والمشكلات التي صادفتهم، وما يرغبون في تحقيقه. ثم نعمل على تطوير الخطط والاستراتيجيات للأسبوع التالي.

سأل الشاب المدير : وهل القرارات التي تتخذوها في تلك الاجتماعات ملزمة للطرفين لك ولهم؟

أجاب المدير : نعم بالطبع.

سأل الشاب : إذن أنت مدير متعاون؟

أجاب المدير بإصرار : على العكس. أنا لا أشارك في القرارات التي يتخذها الموظفون.

سأل الشاب : فما الغرض من اجتماعاتكم؟

رد المدير : لقد أخبرتك بهذا. ومن فضلك أيها الشاب لا تطلب مني تكرار ما قُلته فهذا مضيعةً لوقتي. نحن هنا لتحقيق نتائج. وهدف الشركة هو الكفاءة وبالتنظيم نصبح أكثر إنتاجاً.

فقال الشاب : إذن أنتم على وعي بالحاجة لأن تكونوا منتجين. ولذلك تحكمكم النتائج والأهداف أكثر من توجيه الموظفين.

رد المدير متسائلاً : كيف لي أن أحقق نتائج في أي مكان على وجه الأرض بدون الموظفين؟ إنني أهتم بالموظفين وبالنتائج. تفضل وانظر إلى هذه اللوحة.
وأعطى الشاب لوحةً عليها نقوش للذكرى، قائلاً: إنه محتفظ بها على مكتبه لتذكرته بحقيقة عمله!
كان منقوش على اللوحة (أن الناس الواثقين بأنفسهم يحققون نتائج طيبة).

استكمل المدير كلامه للشاب أثناء نظر الشاب للوحة. وسأله: ترى متى تعمل أفضل؟ هل تعمل أفضل عندما تكون واثقاً من نفسك؟ أم أن العكس صحيح؟

أجاب الشاب برؤيته للأمور بوضوح وقال: إنني أنجز أكثر عندما أشعر بالرضا عن نفسي.

أجابه المدير : وهكذا ينجز الآخرون.

سأل الشاب: هل مساعدة الناس ليرضوا عن أنفسهم هو مفتاح الإنجاز؟

أجاب المدير: نعم. ولكن تذكر أن الكيف أهم جداً من الكم، وتظل الجودة دوماً أولاً. تعال لترى.
وأشار للحركة في الشارع من النافذة، وسأله: هل تعلم كم عدد السيارات الأجنبية التي تسير في الطريق؟

نظر الشاب وقال: إنني أرى المزيد منها كل يوم. وأعتقد أن ذلك بسبب أنها اقتصادية وعمرها أطول.

أومأ المدير باستياء قائلاً: بالضبط. لماذا يشتري الناس السيارات الأجنبية؟ هل لأن مصانعنا لم تصنع عدداً كافياً؟ أم لأنهم لم يصنعوا السيارة الجيدة؟

أجاب الشاب: هي مسألة الكم والكيف.

رد المدير : الكفاءة تعني الكم والكيف.

سأل الشاب المدير : لقد قلت أنك لست مديراً متعاوناً؛ فكيف ترى نفسك؟

أجاب المدير على الفور: أنا مدير الدقيقة الواحدة .

من كتاب مدير الدقيقة الواحدة

مقالات مشابهة